في الثالث من مايو من كل عام، يحتفل العالم باليوم العالمي للصحافة، وهو يوم أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1993 بناءً على توصية من المؤتمر العام لليونسكو، ويهدف لتسليط الضوء على مبادئ حرية الصحافة الأساسية، وتكريم الصحفيين الذين فقدوا حياتهم خلال أداء مهام عملهم الصحفي، والدفاع عن الإعلام أمام الهجمات التي يتعرض لها حول العالم.
تعود فكرة اليوم إلى إعلان ويندهوك عام 1991 م، الذي أطلق خلال مؤتمر عقد في ناميبيا حول تطوير صحافة حرة ومستقلة وتعددية، وقد أصبح منذ ذلك اليوم مناسبة سنوية لتقييم حرية التعبير وتحديات الصحافة عبر العالم.
في هذا السياق العالمي، تحتفل المملكة العربية السعودية بهذا اليوم في ظل التحولات الإعلامية الكبرى، حيث أصبح الإعلام واحد من الركائز التي تعتمد عليها مسيرة التنمية الوطنية وتحقيق أهداف رؤية السعودية 2030، فهذا اليوم يمثل فرصة مهمة للتأمل في مسيرة الصحافة السعودية، استعراض مراحل تطورها، وفهم دورها المحوري في نقل صوت المملكة للعالم، كما سنناقش في أخبار السعودية 24 التحديات والفرص التي تواجهها في العصر الرقمي.
تاريخ الصحافة السعودية ومراحل تطورها
كانت بدايات الصحافة السعودية في أوائل القرن العشرين، حينها صدرت أولى الصحف مثل: جريدة القبلة عام 1334 هـ من مكة المكرمة، وبعدها تم إصدار مجموعة من الصحف البارزة مثل: الحجاز والفلاح.
حينها ارتبطت الصحافة بنهضة التعليم وانتشار الثقافة، مما خلق بيئة حيوية للنقاشات الفكرية والاجتماعية والسياسية، ويمكن تقسيم المراحل التي مرت بها صحف السعودية إلى ثلاث مراحل أساسية وهي:
مرحلة صحافة الأفراد (1347هـ – 1378هـ / 1928م – 1959م):
كان ما يميز تلك المرحلة المبادرات الفردية، حيث كان بإمكان أي شخص يملك الكفاءة إصدار صحيفة بعد الحصول على التراخيص الحكومية، فكانت فترة مليئة بالتجارب المتنوعة، ولكنها واجهت مجموعة من التحديات الكبيرة من حيث الاستمرارية والاستقرار المالي.
مرحلة دمج الصحف (1378هـ – 1383هـ / 1959م – 1964م):
بدأت الحكومة في إعادة هيكلة المشهد الإعلامي من خلال دمج الصحف الصغيرة في مؤسسات أكبر وأكثر استقرارًا، ما أسهم في تحسين جودة المحتوى وتعزيز الانتشار، وتحقيق مهنية أعلى في العمل الصحفي.
بدأت الحكومة وقتها في إعادة هيكلة المشهد الإعلامي السعودي من خلال دمج الصحف الصغيرة في مؤسسات أكبر وأكثر استقرارًا، مما ترتب عليه تحسين جودة المحتوى المقدم وزيادة انتشاره، والوصول لمعايير مهنية أعلى في العمل الصحفي.
مرحلة المؤسسات الصحفية (من 1383هـ / 1964م حتى اليوم):
هنا، بدأ تأسيس المؤسسات الصحفية الأهلية وتنظيم العمل الصحفي عبر إصدار مجموعة من التشريعات المتطورة مع تخفيف سلطة وزارة الإعلام بشكل تدريجي، مما زاد من استقلالية الصحف السعودية، وقتها برزت صحف كبرى مثل: عكاظ، الرياض، والشرق الأوسط والتي تلعب دورًا رياديًا بارزًا في المشهد الإعلامي العربي والإقليمي.
تحولات كبرى ودور الإعلام السعودي في تحقيق رؤية 2030
مع الانطلاقة الكبرى لـ رؤية 2030، أصبح للإعلام السعودي دور هام واستراتيجي فهو لا يقتصر على نقل الأخبار فقط بل يتوسع ليشمل جوانب أوسع وأكبر:
- يعد حلقة الوصل بين القيادة الحكيمة والمواطنين والمستثمرين، من خلال عرض الإنجازات والتحديات بشكل موضوعي، وممارسة دور رقابي يهدف لبناء الثقة بين الجمهور وصناع القرار.
- يلعب الإعلام السعودي دورًا واضحًا في تغطية المشاريع الوطنية الكبرى مثل: نيوم، البحر الأحمر، القدية، وغيرها، مما يرفع مستوى الوعي المحلي والدولي بأهمية المشاريع والمبادرات التي تطلقها المملكة، ويسلط الضوء على نجاحات المشاريع الصغرى والمتوسطة، ما يجعله محفزًا لرواد الأعمال والشباب السعودي المبتكر.
- من خلال الحملات الترويجية والتعاون مع وسائل الإعلام العالمية، أصبح الإعلام أداة فاعلة في إبراز صورة المملكة كوجهة استثمارية وسياحية متقدمة، بالإضافة لكونها قوة ثقافية وفكرية في الشرق الأوسط.
- ولا يغفل مواكبة التطورات الرقمية، فيسلط الضوء على المبادرات الرقمية في التعليم، الصحة، والخدمات الحكومية، ويمهد الطريق لاقتصاد معرفي مستدام.
مع ذلك، هناك دعوات لتطوير لغة الخطاب الإعلامي لتكون أكثر قربًا من طموحات الرؤية، مع تكثيف تدريب الكوادر الصحفية لتكون قادرة على نقل منجزات المملكة بفاعلية أكبر لجمهور عالمي.
التحديات والفرص في العصر الرقمي
رغم الإمكانيات الكبيرة التي أتاحها العصر الرقمي، فإن الإعلام السعودي يواجه تحديات لا يمكن تجاهلها، لكنها أيضًا تفتح أمامه فرصًا واسعة:
رغم الإمكانيات الكبيرة التي يتيحها العصر الرقمي، لكن تواجه الصحف السعودية والإعلام مجموعة من التحديات صعبة التجاهل، والفرص الواسعة، التي نسلط عليها الضوء مع الحديث عن اليوم العالمي للصحافة
التحديات:
- التحول الرقمي السريع: تواجه الصحافةا لتقليدية منافسة قوية من تطبيقات التواصل الاجتماعي، ما يدفعها لأهمية ابتكار طرق غير تقليدية لتقديم المحتوى وتطوير مهارات الصحفيين الرقمية.
- المصداقية في عصر المعلومات الزائفة: تتزايد الحاجة لتحسين ورفع دور الصحافة الاستقصائية والتحقق من صحة المعلومة، بسبب الانتشار الكبير للأخبار الكاذبة والشائعات، من أجل ترسيخ الثقة في الإعلام محليًا ودوليًا.
- التمويل: تعاني بعض الصحف من ضعف الموارد المالية، مما يؤثر على قدرتها على الاستمرار ويضع جودة العمل الصحفي على المحك.
الفرص
- الابتكار الإعلامي: يمكن التحول الرقمي الصحف والإعلام السعودي من الوصول لجمهور كبير عند تقديم محتوى تفاعلي وجذاب ومفيد، واستثمار التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات للقدرة للوصول لجمهورك وفهم اهتماماته.
- يمكن التعاون مع وسائل الإعلام العالمية لنقل صورة المملكة وعرض أهداف رؤية 2030.
- الاستثمار في تدريب الصحفيين على المهارات الرقمية والتحليلية من أجل رفع قدرة الإعلام على مواكبة التغيرات والتركيز على إعداد جيل جديد من الصحفين مالكي أدوات المستقبل.
استكشف أيضًا اليوم العالمي للمرأة والدور الذي تلعبه المملكة في تمكينها!
في النهاية، عند الحديث عن اليوم العالمي للصحافة، لا يمكن إغفال مسيرة الصحافة السعودية كقصة تطور غنية جمعت بين الأصالة والمعاصرة، وبين المحافظة على قيم المجتمع السعودي والانفتاح ومواكبة تغيرات العصر.
ومع استمرار تنفيذ رؤية 2030، يقف الإعلام السعودي أمام فرصة تاريخية ليلعب دورًا يتخطى نقل الأخبار، ليكون شريكًا أساسيًا في صنع المستقبل، تعزيز الشفافية، دعم التنمية، ونقل صورة حضارية مشرقة للعالم.