تشهد صناعة الروبوتات في المملكة العربية السعودية نموًا متسارعًا مدعومًا برؤية المملكة 2030 التي تهدف إلى تعزيز الابتكار والتكنولوجيا في مختلف القطاعات الصناعية والخدمية، مما يجعل السعودية من أبرز الدول الرائدة في مجال الروبوتات والذكاء الاصطناعي في المنطقة والعالم.
استثمارات استراتيجية لتعزيز صناعة الروبوتات
في فبراير 2024، أعلنت شركة “آلات” التابعة لصندوق الاستثمارات العامة السعودي عن توقيع اتفاقية استراتيجية مع مجموعة سوفت بنك اليابانية، لإقامة مشاريع أتمتة متقدمة في المملكة، تركز على تصنيع الروبوتات الصناعية الحديثة.
ويشمل هذا التعاون إنشاء مركز تصنيع وهندسة مؤتمت بالكامل في الرياض باستثمار يصل إلى 150 مليون دولار، بهدف تلبية الطلب المحلي والعالمي على الروبوتات الصناعية، ودمجها مع تقنيات الذكاء الاصطناعي لتعزيز كفاءتها وفاعليتها.
كما تهدف السعودية إلى تشغيل ما يصل إلى 32,000 مصنع ذكي يعتمد على الطاقة النظيفة بحلول عام 2035، مما يعكس التزامها بالتحول الرقمي والتنويع الصناعي من خلال تبني تقنيات الروبوتات المتقدمة.
نمو قطاع الروبوتات الصناعية في السعودية
تشهد السوق السعودية للروبوتات الصناعية نموًا ملحوظًا، حيث تُقدر قيمة السوق بنحو 178.2 مليون دولار أمريكي في 2024، مع توقعات بالوصول إلى 543.7 مليون دولار بحلول عام 2033، بمعدل نمو سنوي مركب يتجاوز 5%، مدفوعًا بالتحول نحو الأتمتة في صناعات السيارات والإلكترونيات والمعادن وغيرها.
كما سجل إصدار السجلات التجارية في قطاع الروبوتات زيادة بنسبة 52% حتى نهاية الربع الثاني من 2023، مع تصدر الرياض للمناطق السعودية في عدد السجلات التجارية الجديدة، مما يعكس الاهتمام المتزايد من القطاعين الحكومي والخاص بتقنيات الأتمتة والذكاء الاصطناعي.
ابتكارات محلية وروبوتات ناطقة متعددة اللغات
أطلقت السعودية أول مصنع للروبوتات الناطقة في الشرق الأوسط، حيث تم الكشف عن روبوت قادر على التحدث بـ96 لغة، مع فهم للهجات المحلية مثل: السعودية، المصرية، والمغربية، خلال مؤتمر الذكاء الاصطناعي في العلوم الطبية بجامعة حائل. هذا الإنجاز يعكس التقدم التقني الكبير في المملكة في مجال الروبوتات الذكية.
الروبوت سارة
من الابتكارات المحلية المميزة هو الروبوت “سارة”، أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة السعودية، ويتميز بالقدرة على التفاعل والرقصات الشعبية، وقد تم تطويره بالتعاون بين السعودية الرقمية وشركة Qss، وهو جزء من استراتيجية توطين التقنية والذكاء الاصطناعي في المملكة.
الروبوت مسالم
كما تم تطوير روبوت “مسالم”، وهو أول روبوت بالعالم قادر على الحوار باللغة العربية واللهجة العامية السعودية، ويستخدم تقنيات التعلم الآلي العميق لتطوير قدراته في التعلم والتفاعل، وقد تم تصنيعه بالكامل داخل المملكة بأيدٍ سعودية، بدعم من الجامعة السعودية الإلكترونية.
دور المركز الوطني للروبوت والأنظمة الذكية
يلعب المركز الوطني للروبوت والأنظمة الذكية التابع لمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية دورًا محوريًا في دعم البحث العلمي التطبيقي وتوطين تقنيات الروبوت في المملكة.
يركز المركز على تطوير التطبيقات في المجالات المدنية والعسكرية والطبية والتعليمية، ويشجع التعاون مع القطاع الخاص لإنشاء حاضنات تقنية تدعم الشركات الناشئة في هذا المجال.
مستقبل صناعة الروبوتات في المملكة العربية السعودية
بفضل الاستثمارات الضخمة، والابتكارات المحلية، والدعم الحكومي المستمر، تتجه السعودية لتصبح مركزًا إقليميًا وعالميًا لصناعة الروبوتات والذكاء الاصطناعي.
تركز المملكة على دمج الروبوتات مع تقنيات إنترنت الأشياء والحوسبة السحابية لتعزيز التحول الرقمي، وتحسين الإنتاجية في الصناعات المختلفة، مما يسهم في تحقيق أهداف رؤية 2030 للتنويع الاقتصادي والاعتماد على التكنولوجيا الحديثة.