خيّم الحزن على قلوب الملايين حول العالم مع إعلان وفاة القاضي الأمريكي فرانك كابريو، الذي عُرف عالمياً بلقب “القاضي الرحيم”، مساء الأربعاء عن عمر ناهز 88 عاماً.
وجاء رحيله بعد معركة شجاعة وطويلة مع سرطان البنكرياس، تاركاً وراءه إرثاً من الإنسانية والعدالة التي تجاوزت جدران قاعة المحكمة لتصل إلى شاشات ومتابعي وسائل التواصل الاجتماعي في كل مكان.
وأُعلن عن خبر الوفاة عبر حساباته الرسمية، حيث ذُكر أنه “وافته المنية بسلام”، وذلك بعد أيام قليلة فقط من رسالة مؤثرة وجهها من سرير المستشفى، طالباً من محبيه الدعاء له بعد تعرضه لانتكاسة صحية.
View this post on Instagram
فمن هو القاضي الرحيم فرانك كابريو؟
وُلد فرانك كابريو في 23 نوفمبر 1936 في مدينة بروفيدنس بولاية رود آيلاند، لأسرة مهاجرة من أصول إيطالية.
كرس حياته لخدمة القانون والعدالة، حيث شغل منصب قاضٍ في محكمة بروفيدنس البلدية لمدة 38 عاماً قبل أن يعتزل في يناير الماضي.
لكن شهرته الحقيقية لم تأتِ من سنوات خدمته الطويلة فحسب، بل من أسلوبه الفريد في تحقيق العدالة.
ما سبب شهرة القاضي الرحيم؟
اكتسب كابريو شهرة عالمية من خلال برنامجه التلفزيوني الواقعي “Caught in Providence”، الذي أنتجه شقيقه جو ورُشّح لجوائز “داي تايم إيمي”.
في هذا البرنامج، كان كابريو ينظر في قضايا المخالفات المرورية البسيطة، لكنه حوّل هذه الجلسات الروتينية إلى دروس في التعاطف والإنسانية.
بأسلوبه الذي يمزج بين الحزم والفكاهة والرأفة، استطاع أن يجمع أكثر من 26 مليون متابع على منصات التواصل الاجتماعي، وحققت مقاطع الفيديو الخاصة بجلساته أكثر من 10 مليارات مشاهدة، ليُعرف بـ”أطيب قاضٍ في العالم”.
ولم تكن رحمته مجرد تمثيل، فقد اشتهر بتخفيفه للعقوبات وإلغائه للغرامات بعد الاستماع للظروف الاجتماعية الصعبة للمتهمين.
ومن أشهر مواقفه الإنسانية إعفاؤه لمهاجر مصري يُدعى “عثمان” من المخالفات تقديراً لاجتهاده في العمل، وتسامحه مع لاجئ سوري مسن يُدعى “سيف” لعدم قدرته على دفع الغرامة.
بدأت معركته الصحية في ديسمبر 2023 عندما أعلن تشخيص إصابته بسرطان البنكرياس، الذي وصفه بـ”الخبيث”. ورغم إعلانه الانتصار على المرض في مايو 2024 وقرعه “جرس النصر” في معهد ميامي للسرطان، إلا أن المرض عاوده في أغسطس الجاري، ليخوض معركته الأخيرة التي انتهت برحيله.
إلى جانب مسيرته القضائية، شغل كابريو منصب رئيس مجلس محافظي رود آيلاند للتعليم العالي، وحصل على عدة شهادات دكتوراه فخرية، وأسس صندوقاً للمنح الدراسية باسم والده لدعم الطلاب، ليترك بصمة لا تُمحى ليس فقط كقاضٍ، بل كإنسان آمن بأن الرحمة جزء لا يتجزأ من العدالة.