علوم

مشروع المفاعل النووي على القمر خطوة نحو الاستيطان الفضائي

المفاعل النووي على القمر

تخطط وكالة ناسا لإطلاق المفاعل النووي على القمر بحلول عام 2030، في خطوة طموحة تهدف لتوفير مصدر طاقة مستدام لقاعدة بشرية دائمة، وتعزيز دور الولايات المتحدة في سباق الفضاء أمام منافسيها الصين وروسيا. المشروع يأتي ضمن رؤية أوسع لاستكشاف الفضاء العميق وتأسيس بنية تحتية متطورة لدعم البعثات المستقبلية، مع الاعتماد على الطاقة النووية كحل لتحديات الإمداد بالطاقة في بيئة القمر القاسية.

لماذا تحتاج ناسا إلى المفاعل النووي على القمر؟

الاعتماد على الطاقة الشمسية وحده لا يكفي للحياة الطويلة على القمر، خاصة أن الليل القمري يستمر نحو أسبوعين متواصلين. هنا يأتي دور المفاعل النووي على القمر كمصدر طاقة ثابت ومستمر، قادر على تشغيل أنظمة الإضاءة، دعم الأجهزة العلمية، وتوفير الطاقة لعمليات التعدين واستخراج المياه.

وفق خبراء الطاقة الفضائية، يمكن للمفاعل بقدرة 100 كيلوواط تشغيل ما يعادل 70–80 منزلًا، وهو ما يمثل إنجازًا كبيرًا في بيئة لا توفر أي مصادر طاقة طبيعية يمكن الاعتماد عليها باستمرار.

كيف سيعمل المفاعل النووي على القمر مقارنة بمفاعلات الأرض؟

من حيث المبدأ، يعمل المفاعل النووي على القمر بالطريقة نفسها التي تعمل بها المفاعلات النووية على الأرض: انقسام نووي متحكم فيه في وقود اليورانيوم لتوليد حرارة، تتحول لاحقًا إلى كهرباء.

الاختلاف الأبرز هو غياب الغلاف الجوي والمياه على القمر، مما يجعل تبريد المفاعل تحديًا كبيرًا، حيث سيتم استخدام مشعّات حرارية كبيرة لتبديد الحرارة مباشرة في الفضاء. بالإضافة إلى ذلك، سيعمل المفاعل في درجات حرارة أعلى لضمان الكفاءة في بيئة القمر.

المخاطر والتحديات أمام مشروع المفاعل النووي على القمر

رغم أن احتمال تعرض المفاعل لزلازل قمرية أو نيازك ضئيل، فإن المخاطر لا تنعدم. لكن غياب الرياح والمياه يقلل بشكل كبير من احتمال انتشار التلوث الإشعاعي في حال حدوث تسرب.

القلق الأكبر يكمن في عملية نقل المفاعل النووي على القمر، وضمان سلامة الإطلاق والوصول. كما أن نهاية عمر المفاعل تمثل تحديًا، خصوصًا إذا تقرر إعادته إلى الأرض، حيث يجب تجنب تكرار أحداث تاريخية مثل حادثة القمر الصناعي الروسي كوسموس 954.

التمويل والزمن المطلوب لبناء المفاعل النووي على القمر

تشير التقديرات إلى أن تطوير المفاعل النووي على القمر قد يكلف نحو 3 مليارات دولار خلال خمس سنوات، وهو رقم ضخم ضمن ميزانية ناسا التي تواجه بالفعل ضغوطًا مالية.

ورغم أن الإدارة الأمريكية خصصت دعمًا إضافيًا للوكالة، فإن السباق مع الزمن لتحقيق الإطلاق بحلول 2030 يشكل تحديًا هندسيًا ولوجستيًا كبيرًا، خاصة مع ضرورة التنسيق بين وكالات مختلفة لضمان المعايير الأمنية.

دور المفاعل النووي على القمر في سباق الفضاء مع الصين وروسيا

لا يقتصر مشروع المفاعل النووي على القمر على توفير الطاقة فحسب، بل يحمل أبعادًا استراتيجية تتعلق بالهيمنة على موارد القمر. في حال وصول الصين أو روسيا أولًا، قد يتم إعلان مناطق حظر تمنع الولايات المتحدة من الوصول إلى بعض المواقع الغنية بالمياه والموارد.

لهذا، ترى إدارة ناسا أن المفاعل جزء من خطة شاملة لضمان الريادة الفضائية وتعزيز الشراكات مع الحلفاء، بدلًا من الاعتماد على المنافسة العسكرية البحتة.

يمثل مشروع المفاعل النووي على القمر خطوة جريئة نحو مستقبل يعيش فيه البشر خارج الأرض، لكنه في الوقت نفسه يتطلب توازنًا دقيقًا بين الطموح العلمي، الجدوى الاقتصادية، والالتزامات البيئية والأمنية. النجاح في هذا المشروع قد يفتح الباب أمام عصر جديد من الاستيطان الفضائي، ويجعل القمر محطة أساسية نحو استكشاف الكواكب الأخرى.
اقرأ أيضًا هل الحليب هو أفضل مشروب للترطيب؟

السابق
تأهل المنتخب السعودي لكرة السلة لملحق ربع نهائي كأس آسيا
التالي
الصين تعلن الحرب على فيروس الشيكونغونيا الأكبر في تاريخها

اترك تعليقاً